انطلقت  فعاليات مؤتمر بروكسل 2019 (SyriaConf2019) تحت شعار دعم مستقبل سوريا والمنطقة، وسيناقش أصحاب القرار والمختصين في هذا المؤتمر كافة الجوانب والزوايا التي تهم المجتمع السوري بكافة أطيافه على مدار يوميين وتحديدًا (12-14 آذار/مارس).

أصبح من المعلوم عند الجميع أن المستقبل السوري محفوف بالمخاطر، بل ومستقبل المنطقة كلها كذلك؛ لذلك يعمل السوريون بمساعدة المجتمع الدولي على إيجاد تجنب المستقبل المجهول والعمل على تحسين الأوضاع الحاليّة لتكون قاعدة عمل للوصول إلى الهدف المنشود وهو مستقبل أفضل للسوريين. ها ما دعى عدد كبير من السياسيين وأصحاب القرار وروّاد الأعمال إلى المشاكرة في مؤتمر هذا العام.

بدأ المؤتمر في 12 آذار، وكانت الفعالية الافتتاحية هي SyriaDigitalLab، وهي فعالية سعت إلى التركيز على الابتكار في المجال التكنولوجي، وإظهار قدرته على بناء السلام ومستوى أفضل من التعليم، والعمل على النمو الاقتصادي للسوريين على مستوى العالم. يمكنكم زيارة موقع الفعاليّة من خلال الرابط التالي
SyriaDigitalLab ، كما ندعوكم إلى التسجيل بالنشرة البريدية حتّى يصلكم كل جديد.

هدفت فعالية SyriaDigitalLab كذلك إلى جمع السوريين معًا في الفضاء الرقمي، بدعم من عدد كبير من المبتكرين الرقميين السوريين والعالميين.

بدأت الفعالية بكلمة إفتتاحية للسيّدة Hilde Hardeman، حيث قالت أننا بحاجة إلى الاستفادة من قوة التكنولوجيا في ريادة الأعمال لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع تماشيا مع قيمنا، وهذا أمر بالغ الأهمية لمعالجة الصراع في سوريا وجميع أنحاء العالم.

شاركت جمعية الأعمال السوريّة العالميّة SIBA بدورها في المؤتمر بعد دعوتها من قبل المعهد الأوروبي للسلام (European Institute of Peace)، حيث حضر اللقاء كلاً من السيّد سامر شمسي باشا رئيس مجلس إدارة الجمعية، والسيّد ناصر يوسف عضو مجلس الإدارة.

جرى بعد ذلك مناقشة عدة قضايا في الفعاليّة مثل السبل التي تسمح للسوريين بأن يكونوا أكثر اطلاعًا وانخراطًا في مستقبل بلدهم، ونوقشت قضايا الإسكان والأراضي كذلك.


شارك بعض رواد الأعمال والمبدعين الرقميين مشاريعهم في فعالية SyriaDigitalLab. مثل السيّد مهند غشيم مؤسس ShopGoME والسيّد ملاذ المدني مؤسس أراجيك. كذلك شارك كل من السيّد تميم إمام مؤسس Mapping Syria، والسيّد جون جايجر مؤسس Hala Systems. ومن المشاركين أيضًا كان المبدع أحمد سفيان بيرم الذي سبق وأن استضافته جمعية الأعمال السوريّة العالميّة في حوار شيّق.

ننقل لكم في ختام تغطيتنا لفعالية Syria Digital Lab 2019 بعض من آراء وتصريحات بعض المشاركين في الفعالية، حيث أشار السيّد “مالك العبده” _في خضام شرحه للفكرة وراء Syria Digital Lab _ إلى أنه كان مهتمًا بشكل أساسي بتصميم حلول تحقق الاستدامة في مجال التدخلات الرقميّة بهدف الإبتعاد عن النماذج التقليدية للتمويل، وأضاف السيّد مالك العبد

“يوفر الفضاء الرقمي مساحة للجمع بين السوريين بغض النظر عن اتجاهاتهم السياسية، ويثبت هذا الفضاء قيمة إعادة بناء التماسك الاجتماعي وتمكين المجتمع المدني.”

بدورها حددت السيّدة “إيما بيلز” سياق الفضاء الرقمي في سوريا، مؤكدةً أنه منذ عام 2011، ازداد حجم المساحة وعدد المستخدمين بشكل سريع. واستخدمت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني الأدوات التقنية طوال النزاع لرسم الخرائط  ومراقبة توزيع المساعدات وإنشاء آليات لتبادل المعلومات تُساعد اللاجئين. وأضافت السيّدة بيلز:

” إنّ تفضيل الحلول الرقمية عائد إلى الاستخدام الواسع للهواتف الذكية بين السوريين، بغض النظر عن المكان الذي يتواجدون فيه. ونظرًا لأن حوالي ثلثي الهواتف المحمولة قادرة على الولوج إلى الإنترنت، فإن معظم المستخدمين يستفيدون منها في أنشطة المراسلة عن طريق تطبيق واتس آب ووسائل التواصل الاجتماعي الأُخرى وعلى رأسها الفيسبوك”

نظرًا إلى استخدام السوريون للهواتف الذكيّة بمعدل مرتفع، أشارت السيّدة بيلز إلى وجوب تحسين مواقع الويب على الأجهزة الذكيّة، واستهداف واتس آب وفيسبوك، وتعديل المحتوى حسب ما يمكن مشاركته عادة. وأكدت أن الفضاء الرقمي يوفر فرصًا كبيرة، مما يسمح بتجاوز قيود الوجود المادي. هذا يمكننا من يمكن معالجة مشاكل الإسكان والممتلكات، والوثائق، والوصول إلى المعلومات الموثوقة، بما في ذلك شروط العودة أو الانتخابات المستقبلية من خلال الوسائل الرقمية، كما حدث سابقًا بواسطة مبادرات مثل (Syrbanism) التي تحاول حل مشكلة الإسكان والممتلكات، أو (Shiffer) التي تحاول حل مشكلة الوثائق.


أكدت السيّدة رامه الشققي من جهتها أثناء إطلاق النقاش حول ريادة الأعمال في المجال الرقمي أنّ القسم الأعظم من الاستثمار في النظام الإيكولوجي للشركات الناشئة في لشرق الأوسط قد انتقل في السنوات الأخيرة إلى ريادي الأعمال في مجال التنولوجيا، وأضافت:

“ينجح العديد من السوريين في مساعيهم في مجال ريادة الأعمال بسبب مثابرتهم ودعم النظام البيئي والاستثمار المستمر خاصةً في مرحلة التمويل الأولي، وهي المرحلة الأخطر التي تفشل فيها مُعظم الشركات النائشة بسبب نقص التمويل. يمكن التغلب على هذا التحدي بفضل امستثمرين الملائكة، الذين يتحملون مخاطر عالية في الاستثمار ولكنهم يوجّهون أيضًا رواد الأعمال أثناء نمو الشركة حتّى تحقيق الربح في النهاية.

ألقت السيّدة الشققي كذلك الضوء على أن القيمة المضافة لريادة الأعمال الرقمية تكمن في الأمن والسرعة والحجم، مما يُلبي الاحتياجات الواسعة للأفراد المنتشرين، وأضافت أنّ هذه العوامل تجعل الفضاء الرقمي مفتاحًا لاستقرار ورفاهية البلد المتأثر بالصراع في المستقبل، وأنّ العديد من رواد الأعمال السوريين الذين غادروا البلاد يواجهون تحديات، والأهم من ذلك، عدم كفاية مهارات التوجيه والحصول على التمويل في بيئة تنافسية؛ لذلك من الضروري إشراك مجتمع رجال الأعمال السوريين في الشتات، الذي يفتقد إلى حد كبير في النظام البيئي الحالي، وتشجيع الاستثمار في شركات التكنولوجيا السورية الناشئة من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص مع مجتمع المانحين.

انتهت الفعاليّة بعد طرحها لعدد مهم من القضايا، إلّا أنّ الطريق لم ينتهي بعد، حيث يأمل القائمون على الفعالية أن تكون نقطة بداية على طريق تحسين جميع الأوضاع باستخدام الأدوات الرقميّة المتاحة، وهو ما يجب أن يُشارك فيه الجميع.