عن تمويل المشاريع الناشئة :

تموت اليوم العديد من الأفكار الرائعة التي كان من الممكن أن تتحول إلى شركات ناشئة تغيّر حياة أصحابها، ولربما المجتمع كذلك. ويقف وراء موت تلك الأفكار العديد من الأسباب إلّا أنّ أهمها هو التمويل، حيث يلعب التمويل دور كبير في نجاح أي شركة ناشئة. لذلك سنحاول اليوم الإجابة عن سؤال يتسائله أي صاحب مشروع ناشئ، وهو “كيفية الحصول على تمويل لمشروعي؟”

في الحقيقية تتنوع مصادر تمويل المشاريع الناشئة وتخرج مصادر جديدة إلى النور كل يوم، وتعتمد عملية البحث عن مصدر التمويل المناسب على عدة عوامل أهمها فكرة الشركة الناشئة ذاتها، وتفضيلات رائد الأعمال.

يًمكن تصنيف طُرق التمويل تلك ضمن اُطر متعددة، فمنها التقلدي والحديث، ومنها البديهي والخلّاق، وهكذا. دعونا الآن نمر على تلك الطُرق المتنوعة، لنقدّم مقدمّة بسيطة عن كل منها.

التمويل بالاستفادة من مصادر التمويل الداخلية (الشخصيّة)

لربما هذه الطُرق من أكثر الطرق بديهية ويلجأ إليها روّاد الأعمال غالبًا في المراحل المبكرة في عمر شركاتهم، ومن هذه الطرق نذكر الاعتماد على المدخرات الشخصيّة أو جمع التمويل من أفراد العائلة والأصدقاء.

من محاسن هذه الطرق هو سهولة الحصول عليها ونقصد بذلك عدم وجود أي تعقيدات قانونية أو متطلبات كثيرة كما هو الحال مع طرق أُخرى سنذكرها لاحقًا، ومن محسانها أيضًا عدم وجود أي حاجة إلى سد أي ديون في حال فشل الشركة.

الاستفادة من مصادر تمويل خارجية

لا يملك كل روّاد الأعمال مدخرات شخصية أو القدرة على الحصول على التمويل من العائلة والأصدقاء؛ لذلك يلجأ هؤلاء إلى طُرق تمويل من خارج الإطار الشخصي، وتقع كل الطُرق التي سنذكرها تباعًا ضمن هذا الإطار ولمنها بدورها تتشعب إلى أنواع مختلفة، وسنذكر بدايةً طرق التمويل التقليدية.

طُرق التمويل التقليديّة

من أكثر طُرق التمويل التقلدية انتشارًا هو الحصول على قرض من أحد البنوك، وتتطلب هذه الطريقة دراسة الفكرة بشكل مستفيض من قبل رائد الأعمال وتقديم تقرير أو نموذج العمل بجانب طلب الحصول على القرض. من مساوئ هذه الطريقة هو الديون التي سيتوجب على رائد الأعمال سدادها كل شهر كأقساط، وتُصبح هذه المشكلة كارثيّة في حالة عدم نجاح الشركة. من مساوئ القروض أيضًا تطلبها لجهد كبير في شرح الفكرة وإقناع البنك بها، وكذلك العديد من التعقديات القانونية قبل الحصول على القرض وبعد الحصول عليه.

في حال كان الحصول على القرض صعبًا، فيمكن لروّاد الأعمال أن يعتمدوا على بطاقات الإئتمان، فالحصول على تلك البطاقات أسهل بكثير من الحصول على القروض، ولكن يجب التنويه هنا إلى المبالغ التي يمكن الحصول عليها من بطاقات الإئتمان قليلة مقارنةً بالقروض، إلّا أنّها حل فعّال في حال كان رائد الأعمال يرغب فقط باختبار فكرته على نطاق صغير. من مساوئ هذه الطريقة المبالغ القليلة التي يمكن الحصول عليها كما ذكرنا، وكذلك الحاجة إلى دفع الحد الأدنى للبنك لكي تبقى بطاقة الإئتمان تعمل.

من الطُرق التقليدية الأُخرى هي المنح، وعلى عكس القروض، لا يتوجب على رائد الأعمال تسديد أي ديون، ولا يتوجب إرجاع تلك المنحة في حال فشل الشركة الناشئة، إلّا أن مساوئ هذه الطريقة هو عدم وجود المنح بشكل دائم وقلة عددها. يمكن الحصول على تلك المنح من منظمات متعددة أو من الحكومات، ويزداد عدد المنح يومًا بعد يوم، إلّا أنّها ما زالت لا تُغطي جميع الإفكار الجيّدة الموجودة.

طرق التمويل الحديثة

تنوعت طُرق التمويل أكثر بعد صعود تيار الشركات الناشئة وانتشارها الكبير، وبدأت طُرق تمويل حديثة بالظهور على الساحة، وكان ذلك نتيجة حتميّة بسبب عدم قدرة الطُرق التقليدية على مواكبة الأحداث.

أولى طُرق التمويل تلك هي الجوائز التي تقدّم إلى الشركات الناشئة في مسابقات خاصة، ولا تختلف الجوائز عن المنح كثيرًا، إلّا أنّه في هذه الحالة يجب على الشركات الناشئة التنافس وجهًا لوجه للحصول عليها، وتتضمن تلك المنافسة معسكرات خاصة وورش تدريبية، وفي النهاية على كل ريادي الأعمال شرح أفكار شركاتهم أمام لجان خاصة وربما أمام الجمهور كذلك.

من طُرق التمويل الحديثة أيضًا العثور على مسرعات الاعمال، حيث يتوجب على رائد الأعمال البحث عن مسرعة للأعمال تتناسب مع فكرة شركته. التمويل في مسرعات الأعمال لا يكون بشكل نقدي عادةً، وإنما على شكل مساعدة عينية، حيث تؤمن تلك المسرعات مكان للعمل ودعم تقني، وتؤمن كذلك التواصل مع الخبراء والمستثمرين. للتعرّف على أهم مسرعات الأعمال العالميّة يمكنكم قراءة المقالة التالية التي أعدتها مجلة فوربس الشهيرة، أمّا إذا كنتم مهتمين بمسرعات الأعمال في العالم العربي فندعوكم إلى قراءة المقالة التالية على موقع مجلة روّاد الأعمال العربيّة. كما ندعوكم إلى انتظار مقالة قادمة سنعدها بحيث تضم مسرعات أعمال عربية وعالميّة.

وهذا ما يقودنا إلى الطريقة التالية، وهي أشهر الطرق حاليًا في عالم الشركات الناشئة. حيث يسعى كل ريادي الأعمال في مرحلة ما إلى الحصول على الأموال من المستثمرين. من مساوئ هذه الطريقة هو خسارة نسبة من الشركة. لكن بالرغم من ذلك يوجد العديد من المحاسن وهو عدم وجود ديون يتوجب على رائد الأعمال سدادها. كما أنّ كمية المال التي يحصل عليها رائد الأعمال تكون كافية لإيصال شركته إلى مرحلة مستقرة، كما أنّ الحصول على مستثمر يعني الحصول على خبرته بجانب نقوده، وهو أمر هام للغاية من الممكن أن يدفع الشركة بقوة إلى الأمام. يتواجد المستثمرون على شكل أفراد أو شركات استثمارية.

هنا يجب أن ننوه على أنه من المفيد لرائد الأعمال _في سبيل التواصل المستمر مع المستثمرين_ أن يواظب على حضور المؤتمرات المحلية والعالميّة، بهذه الطريقة سيتعرف بشكل مستمر على أحدث المسارات في ما يتعلق بشركته، وسيستطيع بسهولة أكبر التعرّف على المستثمر الأنسب الذي سيجعل طريقه نحة النجاح أقصر. كمثال على ذلك نذكر حضور جمعية الأعمال السورية الدولية في فعاليّة Syria Digital Lab 2019 في بروكسل، وهي فعالية حاولت من خلالها الجمعية التواصل مع كل من المستثمرين وروّاد الأعمال ومحاولة إنشاء قناة تواصل فيما بينهم، وكل هذا في إطار سعيها في دعم روّاد الأعمال أينما وجدوا. يمكن لروّاد الأعمال زيارة مدونتنا بشكل دائم حيث نُعلن عن أهم المؤتمرات التي ستحث قريبًا والحرص على التواجد بشكل دائم.

إقرأ أيضًا: جمعية الاعمال السورية الدولية SIBA تشارك في مؤتمر كلية لندن للاقتصاد

ونصل إلى آخر الطُرق التي سنعرضها اليوم، وهي من أكثر الطرق الحديثة رواجًا، ونقصد التمويل الجماعي. ظهر مصطلح التمويل الجماعي لأول مرّة في عام 2008 أو قبل ذلك بقليل، وتقوم فكرة مواقع التمويل الجماعي على جمع مبالغ صغير من عدد كبير من الأشخاص، وبالتالي تكون النتيجة النهائيّة مبلغًا كبيرًا من المال، فإذا استطعت إقناع مليون شخص بأنّ يعطيك كل منهم دولارًا واحدًا، فستمتلك في النهاية مليون دولار. يعتمد نجاح هذه الفكرة بشكل خاص على قدرة رائد الأعمال على شرح فكرته بأفضل صورة، وقيادة حملة التمويل الجماعي وإشهارها قدر الأمكان. من محاسنها الكثيرة عدم خسارة أي جزء من الشركة أو تسديد أي أقساط. للإطلاع على قائمة بأهم منصات التمويل الجماعي يمكن زيارة الرابط التالي لمقالة من إعداد مجلة أراجيك

هذه كانت لمحة سريعة عن بعض طُرق التمويل المتاحة، التي يمكن لأي رائد أعمال أن يستفاد منها، ونقل أفكاره إلى مرحلة التنفيذ ومن ثمً النجاح في عالم الشركات الناشئة. لكن يجب التنويه أنّ المقال كان مجرّد مقدمة لعديد من المقالات الأُخرى التي يمكن أن نفصّل فيها في كل من تلك الطرق على حدة، وهنا نحتاج مساعدتكم لتخبرونا بأي الطُرق التي تفضلون أن نشرحها بشكل مفصّل أكثر، أو أن تذكروا لنا طُرق أُخرى نُغني بها مقالنا.