سنتكلم اليوم عن أهم صفقات الاستحواذ على الشركات الناشئة التي حدثت في العالم العربي وصنعت ضجة في وسائل الإعلام والمواقع المتخصصة.

ترتبط عملية الاستحواذ ارتباطًا وثيقًا بثقافة الشركات الناشئة، ويكاد لا يوجد رائد أعمال اليوم إلّا وقد وضع أمام خيار بيع شركته لشركة أكبر.

تتعدد أهداف الاستحواذ فهو بالنسبة للشركة المستحوذة طريقة مضمونة للتخلص من المنافسين والتوسع في أسواق جديدة، وبالنسبة للشركة التي بيعت طريقة للحصول على تدفق نقدي لا بأس به، وفي غالب الأمر تكون صفقات الاستحواذ ربح لكل الأطراف.

لا تُستثنى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من هذه المعادلة، وإن كانت حتّى الآن لا ترقى تلك الصفقات إلى مثيلاتها العالميّة، لكنها على الطريق الصحيح، فبدأنا نرى تزايدًا ملحوظًا في عدد هذه الصفقات وقيمته المالية، وهذا ما يُبشر بمستقبل ريادي أفضل في المنطقة.

دعونا إذًا نسرد لكم قصة خمسة من تلك الاستحواذات، وسنبدأ بقصة سوق دوت كوم.

سوق دوت كوم

صفقات الاستحواذ في العالم

من أبرز الأحداث التي جرت في عام 2017 في عالم ريادة الأعمال والتجارة الالكترونية في المنطقة هو خبر الاستحواذ على شركة سوق دوت كوم من قبل شركة أمازون المعروفة عالميًا.

أُعلن عن صفقة الاستحواذ في (مارس/آذار 2017) حيث قُدّرت الصفقة بحوالي 650 مليون دولار، ولكن لا شيء مؤكد وربما تبلغ الصفقة أكبر من ذلك حتّى. والجدير بالذكر أنّ أمازون واجهت منافسة من شركة إعمار، أمّا قصة سوق دوت كوم فهي باختصار كالتالي.

تأسست سوق دوت كوم في عام 2005 في الإمـارات العربية المتحدة بواسطة الرئيس التنفيذي رونالدو مشحور ومدير التسويق والعلاقات العامة هيثم مسعود، واستطاعت على مدى الأعوام التالية خوض عدد من الجولات الاستثمارية الناجحة.

بلغت سوق دوت كوم من النجاح ما لم تبلغه أي شركة مشابه أُخرى في المنطقة العربية، حيث وصل عدد زوار الموقع أكثر من 40 مليون زائر شهريا، مع سيطرة على أكثر من 75 بالمائة من سوق التجارة الالكترونية.

انتهت قصة سوق دوت كوم بأفضل طريقة ممكنة سواءً أنظرت إلى الشركة التي استحوذت عليها، أو نظرت إلى قيمة الصفقة التي ضربت كل الأرقام القياسية، حتّى جائت صفقة الاستحواذ على شركة كريم لتضرب تلك الأرقام من جديد، فما هي قصة كريم؟

إقرأ أيضًا: خمسة مشاريع سوريّة ناجحة في تركيا

كريم

صفقات الاستحواذ في العالم

تأسست شركة كريم التي في عام 2012 في الإمارات كذلك، وتخصصت في مجال النقل الذكي في المنطقة العربية كمنافس رئيسي لشركة أوبر العريقة.

استطاعت الشركة أن تتوسع خلال خمس سنوات منذ تأسيسها لتشمل 80 مدينة عبر 13 دولة في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

بالإضافة إلى ذلك توسعت الشركة في بلدان أُخرى مثل تركيا وباكستان، مما زاد الضغط على شركة أوبر ليجعلها تفكر بشكل جدي في الاستحواذ على شركة كريم، تلك الشركة التي بدأت بسحب البساط من تحتها ببطء.

لم تنتظر شركة أوبر كثيرًا حيث أعلنت عن صفقة الاستحواذ التي حطمت كل الأرقام القياسية في المنطقة العربية، وكانت نقلة نوعية في تاريخ الريادة بكامله، حيث توصّلت كلّ من أوبر وكريم إلى اتفاقية بلغت 3.1 مليار دولار أمريكي تتكون من 1.7 مليار دولار أمريكي من سندات القرض القابلة للتحويل و1.4 مليار دولار نقداً. ويُتوقع إتمام الصفقة خلال الربع الأول من عام 2020.

كاريدج

صفقات الاستحواذ في العالم

قصة نجاح أُخرى من قصص الاستحواذ في العالم العربي، وهي الاستحواذ على شركة كاريدج الكويتية التي كانت تحتل الصدارة في مجال توصيل الطعام في الكويت وبقية دول الخليج العربي، وقدّ تأسست شركة كاريدج على أيدي الرئيس التنفيذي عبد الله جهاد المطوع، والمدير المالي مصعب جهاد المطوع، ومدير العمليات خالد القبندي من الكويت، وجوناثون لو من الولايات المتحدة.

في 29 أيار/مايو 2017، أعلنت “مجموعة دليفيري هيرو لطلب وتوصيل الطعام عبر الإنترنت، عن استحواذها على شركة كاريدج  وتوافق الطرفان على عدم الكشف على قيمة الصفقة، لكن بعض المصادر قدرت الصفقة بـ 200 مليون دولار.

اعتمدت كاريدج على عمل نظام هجين جعلها تجد ثغرة في السوق، أمّا النموذج فهو أنّها تتيح طلب المأكولات من مطاعم الفنادق وكافة المطاعم الأخرى سواء كانت توفر خدمة التوصيل أم لا، طالما أنها تتعامل مع الشركة.

إقرأ أيضًا: أهم 10 حاضنات الأعمال في الوطن العربي

مكتوب

صفقات الاستحواذ في العالم

تأسست شركة مكتوب دوت كوم الأردنية في عام 2000 على يد سميح طوقان وحسام خوري كأول موقع عربي يقدم خدمة البريد الإلكتروني المجاني باللغتين العربية والإنجليزية.

ملك موقع مكتوب أكثر من 16 مليون مستخدم، واحتل رقم 156 ضمن قائمة أفضل مواقع الانترنت على مستوى العالم خلال فترة ذروته، حيث يساوي ذلك حصة قدرها 0،47% من مستخدمي الإنترنت في العالم. هذا ما جعل شركة ياهو الأمريكية تنظر إلى موقع مكتوب كفرصة ممتازة للانتشار في العالم العربي.

من أقدم صفقات الاستحواذ في العالم العربي وأشهرها على الإطلاق، حيث أُعلن عن الصفقة في عام 2009، بعد مفاوضات تواصلت على مدار 5 أشهر.

أكدت ياهو في نهاية الأمر إبرامها لصفقة الاستحواذ، حيث بلغ حجم الصفقة حوالي 85 مليون دولار وقالت تقارير أُخرى أنّ حجم الصفقة 100 مليون دولار.

أدت الصفقة إلى توحيد 20 مليون مستخدم تملكها ياهو من العالم العربي مع 16 مليون مستخدم التي تملكها مكتوب، مما سيعزز وجود ياهو في العالم العربي، وهذا ما توقع له الخبراء أن يكون تغيير جذري في الصناعة، ولكن الجدير بالذكر أنّ ياهو فشلت فيما بعد بالاستفادة من الصفقة وأغلقت موقع مكتوب ليسدل الستار على أهم محاولة لتقديم خدمة البريد الالكتروني باللغة العربية.

نمشي

لصفقة الاستحواذ على نمشي ميّزة خاصة في هذه القائمة، فهي الوحيدة التي استحوذت عليها شركة عربية، فيما بقية الشركات في القائمة كانت صفقات الاستحواذ تتم من خارج المنطقة.

أمّا الشركة المستحوذة فهي شركة إعمار، سبب الاستحواذ هو الدخول في عالم التجارة الرقمية، حيث جاءت هذه الصفقة فقط بعد مرور شهرين من استحواذ أمازون على سوق دوت كوم، وبسبب فشل إعمار في خطف الصفقة من أمازون، لذلك توجهت للاستحواذ على نمشي لتبقى داخل اللعبة.

أبصرت نمشي النور عام 2011، ونمت لتصبح علامة تجارية لها مكانتها المرموقة في عالم الابتكار والإبداع، وأصبحت النافذة الأوسع التي يطل منها عشاق الموضة، وخاصة الشباب، على أحدث الإتجاهات وآخر الصرعات في عالم الأزياء لكل ما تقدمه لهم من تنوع هائل من المنتجات وأرقى الماركات، ناهيك عن السهولة واليسر للحصول على كل ما يرغبون به.

كانت هذه أشهر خمس من صفقات الاستحواذ في العالم العربي، ولهذه الصفقات أهمية كبيرة كونها ساهمت في تأسيس

تُبشر هذه القصص وغيرها الكثير التي لا تتسع المقالة لذكرها، بمستقبل ريادي أفضل في المنطقة العربية وتعزيز هذه الثقافة التي ستشكّل ربما مستقبل الاقتصاد في كل العالم.

هل تعرفون قصصًا أُخرى؟ شاركونا إياها في التعليقات.