نشهد منذ أعوام قلائل ثورة حقيقية في التعليم الرقمي،  حيث اتجهت مُعظم الجامعات إلى تأمين مساقاتها التعليمية للجميع من خلال منصّات إلكترونيّة مجّانيّة وغير مجّانيّة، يمكن لجميع الطلّاب من جميع أنحاء العالم الوصول إليها والتعلّم في أيّ وقت ومن أيّ مكان.

ليست الجامعات وحدها التي أتاحت مساقاتها، بل عمل نشطاء على تأمين المساقات لجميع المراحل العمريّة. كذلك سواءً في مراحل التعليم الأساسيّة أو الإعداديّة أو الثانويّة، ومنصّة خان أكاديمي من أكبر الأمثلة على ذلك. لكننا لم نلتحق عربيّاً وخاصّةً على المستوى السوريّ بالركب، سوى منذ وقت قصير.

ومع أننا كسوريّين من أحوج الناس للتعليم الرقميّ، على اعتبار أنّ المدارس التقليديّة لم تعد تؤدّي دورها لأسباب عديدة، إلّا أنّنا لا نملكه بالرغم من ذلك. لكن هذا قبل المدرسة الرقميّة، حيث جاءت هذه المدرسة لتكون بديلاً عصريّاً وجذّاباً يقدّم المواد التعليميّة للطلّاب وهم في أيّ مكان، وبطريقة عصريّة ومنفّذة بشكل يضاهي مثيلاتها العالميّة، بل وربّما يتفوّق عليها. وهذا ما نأمل أن تلمسوه بأنفسكم أثناء حديثنا عن المدرسة الرقمية في السطور القادمة.

ماهي المدرسة الرقمية السورية إذًا؟

هي منظومة تعليميّة حديثة متكاملة تُساهم في تلبيّة الاحتياجات التعليميّة الحاليّة والمستقلبيّة. إذ تشكّل بديلًا افتراضيًاً للمدرسة التقليديّة تبدأ من الصفّ الأوّل وتنتهي بالثانويّة العامّة. تقدّم هذه المدرسة، المادّة العلميّة وهي عبارة عن المنهاج السوري المنقّح والمطوّر بأشكال متنوّعة، منها النصيّ والمرئيّ والمسموع، ويمكن للطلّاب الوصول إلى هذه المواد من خلال منصّات المدرسة الرقميّة المختلفة، سواءً على الإنترنت عن طريق الموقع الإلكترونيّ، أو من خلال تطبيق الهواتف الذكيّة، أو قنوات الفيديو.

كما أنّ الطلاب يستطيعون الوصول إلى هذه المواد عن طريق أقراص مدمجة وغيرها الكثير من الطرق. أمّا محتوى المدرسة التعليميّ فهو كما قلنا يقدَّم مرئيّاً أو مكتوباً أو مسموعًا، وبالتحديد فإنّ المدرسة تقدّم:

* حلقات مرئيّة مصوّرة للمنهاج السوريّ المعتمد من الحكومة السوريّة المؤقّتة، بحيث تكون هذه الحلقات ذات دقّة عالية وصوت واضح، وتحتوي على وسائل إيضاحيّة متطوّرة، مثل الغرافيك والأشكال، والاستعانة بأصحاب الكفاءات.

* حلقات مسموعة، بحيث تخدم أصحاب الإنترنت الضعيف، وتحوي ذات المعلومات بالضبط، وتعتمد أكثر على وضوح الصوت وخلوّه من التشويش.

*ملفات نصيّة (PDF)، وهي ملفّات تحوي المناهج بشكل كامل، وتكون متاحة للتحميل ومتوافقة مع كافة المنصّات والأجهزة.

*التمارين وبرامج الامتحانات وبرامج تحديد المستوى.

*أخبار ومعلومات وبيانات تعليميّة.

*دراسات ومقالات وأبحاث علميّة. *بيئة اجتماعيّة وتعليمية وخدمات لوجستيّة وغيرها الكثير.

لماذا نحن الآن بحاجة المدرسة الرقمية السورية أكثر من أيّ وقت مضى؟

كان هنالك شعور بالأمل لدى السوريّين بأنّ أزمتهم التي يعيشونها مؤقّتة ومصيرها الزوال. إلّا أننا اليوم وبعد ثماني سنوات من هذه الأزمة فإنّنا لا نشعر بنهاية قريبة؛ لذلك هي واقع يجب أن نعيشه ونتكيّف معه.

ومن بين أهمّ الأمور التي تحتاج إلى حلّ جذريّ. يقف التعليم في الواجهة، فهو من الأشياء القليلة التي لا يُسمح في التهاون فيها. هذا ما دفع بعض النشطاء في مجال التعليم إلى البدء بمشروع المدرسة الرقميّة وبذل كل ما يملكون في سبيل إنجاحه؛ لأّنّهم يعلمون أكثر من غيرهم أنّ التعليم وحده هو مفتاح الحلّ إذا ما أردنا أن نتجاوز محنتنا. لكن دعوني أوضّح لكم شيئاً هامّاً للغاية، وهو أنّ المدرسة الرقميّة ليست حلّاً لمشكلة ما، بل هي حلّ يكاد يكون مثاليّاً لهذه المشكلة.

فكما تعرفون كانت طريقة التعليم التقليديّة في سوريا هي إيصال محتويات المنهاج التعليميّ من خلال تعليم الكتب في المدارس لطلّاب مستقرّين على جميع الأصعدة ومنها النفسيّة والمكانيّة. كما يبيّن الشكل التالي:

 

 

 

 

 

 

الشكل التقليديّ للتعليم

إلّا أن الحرب الطاحنة وما فرضته من تهجير، أخلّ بهذه المنظومة وأصبح الطلّاب غير مستقرّين على أيّ صعيد، فالظروف المكانيّة والزمانيّة والاجتماعيّة والصحيّة كلّها طالها الخلل، وأصبح حصول هؤلاء الطلّاب على التعليم التقليديّ أمراًشبه مستحيل.

هنا يظهر دور المدرسة الرقميّة بشكل جليّ، حيث تتيح لجميع الطلّاب السوريين الانتساب إليها، ومتابعة تعليمهم من خلالها مهما كانت ظروفهم. فمن يملك إنترنت وحاسب، يمكنه الوصول إلى الموقع الإلكترونيّ. أمّا من يملك هاتفاً ذكيّاً فيمكنه تحميل التطبيق، ومن لا يملك انترنت على الإطلاق يمكنه شراء الأقراص المدمجة والاستفادة من المنهاج كاملًا. بالإضافة إلى كل ما ذكر فإنّ للمدرسة الرقمية مزايا أكثر من أن تُحصى، ويبيّن الشكل التالي أهم هذه المزايا.

 

 

 

 

 

 

مزايا المدرسة الرقميّة

وسائل المدرسة الرقميّة

1- ّالكتاب الالكتروني

ويضمّ كتب المنهاج كاملةً بشكل إلكترونيّ، بحيث يمكن للطالب أن يتصفّح المواد الدراسيّة، وأنّ يضيف التعليقات، وأن يطبع فقرات محددة.  إضافة إلى إمكانيّة مشاهدة الشروحات كاملة لكلّ درس صوت و صورة و ملحقات لأبحاث و ملخّصات محدّدة زيادة في توضيح المنهاج.

 

 

 

 

 

 

الكتاب الرقمي

2-موقع إلكترونيّ وتطبيق للهواتف الذكيّة

يمكّن الوصول إلى ما تقدّمه المدرسة الذكيّة عن طريق موقعها الإلكترونيّ أو تطبيقها الخاص بالهواتف الذكيّة، حيث يمكن للطالب تحميل الحلقات والبرامج والكتب، وقراءة آخر الأخبار والمعلومات والاستفادة من الأقسام والمدوّنات للحصول على بيئة تعليميّة تشاركيّة بين جميع المهتمّين ابتداءً من الطالب، ومرورًا بالمدرّس والمدرسة، وصولاً إلى العاملين في الحقل التعليميّ

3-قنوات فيديو على منصّات متعددّة والسوشيال ميديا

تملك المدرسة الرقميّة قنوات فيديو على أشهر المنصّات مثل يوتيوب (وديلي موشن)، وغيرها الكثير، وتحتوي هذه القنوات على مقاطع فيديو مصوّرة، لشرح المناهج التعليميّة كاملة، ومقسّمة بحسب الصفوف والمراحل المختلفة. كما تملك المدرسة حسابات على كافّة منصّات التواصل الاجتماعيّ المختلفة  (مثل فيسبوك وتويتر) التي تتيح للطلّاب ومتابعي المدرسة الحصول على آخر أخبارها وتحديثاتها لحظة بلحظة.

4-وسائل الوصول إلى المناهج (أوف لاين)

لا يستطيع الجميع الوصول إلى المحتويات أون لاين؛ لذلك تتيح المدرسة عدّة قنوات (أوف لاين) للحصول على مناهجها ومحتواها، فلو كنت تملك حاسباً آليّاً، فيمكن الحصول على برنامج يحتوي الكتاب الإلكترونيّ والذكيّ والفيديوهات وبرنامج تحديد المستوى. وهنالك أقراص مدمجة وذواكر  تقدمها المدرسة الرقميّة تحقّق ذات النتيجة وتحتوي على كافّة المناهج. ومن لا يملك حاسباً يمكنه الحصول على (تابلت) يؤدّي المطلوب.

5-الحقيبة التعليمية

وهي مجموعة تعليميّة كاملة تقدّم لأيّ جهة تطلبها، بعد دراسة البيانات التي تقدّمها هذه الجهة، بحيث تكون الحقيبة مخصّصة لهذه الجهة. ويمكن الإطلاع على مكوّنات الحقيبة من خلال الجدول التالي:

 

 

 

 

 

 

مكوّنات الحقيبة الرقميّة

بالإضافة إلى كل ما سبق تقدّم المدرسة الرقميّة خدمات بعيدًا عن الواقع الافتراضيّ، مثل المدارس الميدانيّة، والتي تقوم على فصول دراسيّة قابلة للفك والتركيب والتنقل بطريقة سهلة كما تقدّم المدرسة القافلة التعليمية وهي عربات مجهزة بكثير من الوسائل التعليمية والإرشاديّة، يمكن للمدارس الاستفادة منها.  أخيرًا تقدّم المدرسة الرقمية خدمة المحطة الفضائية التعليمية التي لا تنشر المناهج المصوّرة فقط، بل تنقل أخبار التعليم وتطوراته على مدار الساعة سواءً أمن خلال شريطها الأخباري أو من خلال تحقيقات مصوّرة لنقل الواقع التعليمي.

 

 

 

 

 

 

القافلة التعليمية

فريق العمل

يقوم على المدرسة الرقميّة فريق متمكّن مبدع؛ يهدف إلى جعل طريق العلم أسهل للطلاب السوريين، ونذكر من فريق العمل السيّد محمود سكّر المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي، والسيّد عبد الله زنجير المشرف العام .

أخيراً.. المدرسة الرقمية ليست رفاهية بالنسبة للسوريين بل هي كما يقول كل من السيّد محمود سكّر المدير التنفيذي للمدرسة الرقميّة السوريّة وصاحب فكرتها والسيّد عبد الله زنجير المشرف العام:
“إنّها فريدة
وإنها حاجة مُلحّة
وإنّها أقلّ كلفة
وإنّها تسدّ ثغرة
وإنّها مصرف زكاةٍ
وإنّها شاملة.
وإنّها سهلة الانتشار.
وإنّها تستطيع الوصول إلى أخطر المناطق.
وإنّها تعوّض الفجوات التعليميّة للتلاميذ والطلاّب السوريين.
وإنّها موجودة وينقصها الوقود
ونحن وقودها.. كلٌّ في ميدانه
في عملٍ إسعافيّ، ليستمرّ الخير والعطاء.”

ونحن في منظمة سيبا نقول أنّ الجهد الجبّار الذي  أنتج 2700 حلقة مرئية تعليميّة على أعلى مستوى يجب أن لا يجد كل عون ودعم وهنا تأتي مهمتكم، فالمسؤولية على عاتق الجميع، كي تحقق المدرسة الرقمية رسالتها في تعليم 2 مليون طالب سوري بشكل مباشر، و3 ملايين آخرين بشكل غير مباشر، حيث تشمل هذه الأرقام اللاجئين في كل دول العالم والجالية العربية في الدول الأجنبية التي لا تستطيع التعلم بلغتها الأم، وكذلك كل محتاج لمنهاج متكامل مقدّم بأبهى صورة.